محبي ومؤيدي سماحة السيد فرقد القزويني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
محبي ومؤيدي سماحة السيد فرقد القزويني

منتدى منوع يجمع كل محبي سماحة السيد الاستاذ فرقد الحسيني القزويني


    حكم السجود على التربة الحسينية لسماحة السيد الاستاذ

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 6
    تاريخ التسجيل : 30/03/2010

    حكم السجود على التربة الحسينية  لسماحة السيد الاستاذ Empty حكم السجود على التربة الحسينية لسماحة السيد الاستاذ

    مُساهمة  Admin الإثنين أبريل 05, 2010 4:09 am

    سؤال/ ما حكم السجود على التربة الحسينية ؟
    ج/ قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من التطرق أولا إلى السؤال التالي وهو: على أي شي يصح السجود عليه في الصلاة؟
    اعلم، إن المسلمين اختلفوا فيما يصح السجود عليه [أي فيما يضع المصلي جبهته عليه]. فقال أئمة المذاهب الإسلامية الأربعة, وهو المشهور المنقول عنهم في كتاب [الفقه على المذاهب الأربعة] بجواز السجود على كل شئ من تراب وحجر ورمل وحصى وصوف وقطن وغير ذلك, بل على ظهر إنسان آخر عند الزحام.
    وقالت الإمامية: انه لا يجوز السجود إلاّ على الأرض من تراب ورمل وحصى وحجر أو ما أنبتته الأرض غير مأكول ولا ملبوس.
    ويحتجون على ذلك بالأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام, وربما بما رواه أئمة الحديث عن الصحابة "رض", ونحن إذا دققنا النظر في هذه المسألة نرى إنها قد مرّت بعدة أدوار وتطورت تطورا ملحوظا على مر العصور, ابتداءً من عصر النبي صلى الله عليه واله إلى هذا اليوم ولعلها ستتطور في المستقبل, والله العالم.
    ففي بادئ الأمر كان السجود على الأرض من تراب ورمل وحصى وحجر ومدر [أي الطين اللزج الذي لا يخالطه رمل] ثم تطور السجود فاصبح على الأرض وأجزائها ونباتها, وعلى الخمرة المصنوعة منها, وكذا على الحصير والبسط المصنوعة من السعف ونحوه.
    وكان للخمرة حظ وافر وانتشار حتى ملئت المساجد والبيوت, وما زال النبي صلى الله عليه واله وأهل بيته يسجدون على الخمرة حتى قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في حديث: (لا يستغني شيعتنا عن أربعة, خمرة يصلي عليها…).
    وفي هذا الدور نرى إن جمعا كبيرا من الصحابة والتابعين كانوا يتجنبون السجود على غير التراب حتى انهم كانوا يضعون التراب على الخمرة فيسجدون عليه احتياطا في صلاتهم. ثم تطور أمر السجود فاصبح على كل شئ من الأرض وغيرها كالنبات بأنواعه والقطن والصوف والحرير والبسط المصنوعة منها.
    ونتيجة لهذا التطور اصبح السجود على الثياب شعار ألتسنن, والسجود على التراب شعار الأمامية.
    فان قلت: هل هناك أقوال للصحابة والتابعين والفقهاء تنص على وجوب السجود على التراب؟
    قلنا:
    1- كان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل لا يرى إلاّ السجود على التراب.
    2- أبوبكر بن أبي قحافة كان لا يسجد إلاّ على الأرض.
    3- عبد الله بن عمر, كان يمنع من السجود على يده ولا تكو ن جبهته إلاّ على الأرض مباشرة.
    4- كان عباد بن الصامت الأنصاري الخزرجى يرى وجوب السجود على الأرض مباشرة.
    5- جابر بن عبد الله الأنصاري لايرى السجود إلاّ على الحصباء.
    6- خباب بن ألأرت كان متقيد بالسجود على الحصى.
    7- الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان ينهى عن السجود على كور العمامة, ويأمر المسلمين بالسجود على الأرض مباشرة.
    8- عبد الله بن عباس كان يُفتي بوجوب إلْصاق الجبهة والأنف في الأرض.
    9- ظاهر كلام الإمام مالك وابن حنبل وغيرهما؛ إن عمر بن الخطاب كان يفتي بعدم جواز السجود على غير الأرض اختياراً.
    أما من التابعين فكان:
    1- مسروق بن الأجدع من أصحاب ابن مسعود, لا يرخص في السجود إلاّ على الأرض حتى في السفينة.
    2- إبراهيم النخعي الفقيه الكوفي, لا يُجَوز السجود إلاّ على البردى -بمعنى الحصير- والأرض.
    3- وفي لفظ آخر: انه كان يصلي على الحصير ويسجد على الأرض.
    4- أفتى عطاء تلميذ ابن عباس بعدم جواز السجود على الصفا [الحجر الصلب الأملس] ولزم السجود على البطحاء.
    قال أبن جريح: قلت لعطاء: ءأصلي على الصفا وأنا أجد إن شئت بطحاء قريب مني؟ قال: لا, قلت: أفتجزئ عني من البطحاء ارض ليس فيها بطحاء مدارات فيها تراب, وأنا أجد إن شئت بطحاء قريبةٌ مني؟ قال: إن كان التراب فحسبك.
    5- كان صالح بن خيوان السابائي يحدث بوجوب السجود على الأرض عن رسول الله صلى الله عليه واله, قال البيهقي: صالح بن خيوان ثقة من التابعين, حيث أورد: إن رسول الله صلى الله عليه واله رأى رجلا يسجد وقد اعتّمَ على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه واله عن جبهته.
    6- قال الحارث الغنوي: سجدَ مرةً بن شرحبيل الهمداني حتى أكل التراب جبهته.
    7- الخليفة الأموي [عمر بن عبد العزيز] كان لا يكتفي بالخُمرة بل يضع عليها التراب ويسجد عليه.
    8- روي عن عروة بن الزبير انه كان يكره السجود على شئ دون الأرض.
    أما أقوال الفقهاء بهذا الخصوص فنذكر منها ما يأتي:
    1- روي عن عروة بن الزبير انه كان يكره الصلاة على شئ دون الأرض.
    2- قال الشافعي في كتاب [الأُم]: ولو سجد على جبهته ودونها ثوب أو غيره لم يجز السجود الاّ أن يكون جريحا فيكون ذلك عذرا, ولو سجد وعلى جبهته ثوب ممزق فماسَ شئ من جبهته الأرض, أجزأه ذلك لانه ساجد وشئ من جبهته على الأرض واُحب أن يباشر راحتيه الأرض في البرد والحر فان لم يفعل وسترهما من حر أو برد وسجد عليهما فلا إعادة.
    3- أفتى الإمام مالك بن انس باستحباب السجود على الأرض وما أنبتته.
    4- قال بن قين في زاد المعاد: كان النبي [ص] يسجد على جبهته وانفه دون كور العمامة ولم يثبت عنه السجود على كور العمامة. من حديث صحيح ولا حسن.
    وقد ذكر أبو داود في [المراسيل]: عن رسول الله [ص] انه رأى رجلا يصلي في المسجد فسجد وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله [ص] عن جبهته. وكان رسول الله [ص] يسجد على الأرض كثيرا وعلى الماء والطين وعلى الخمرة المتّخذة من خوص النخل وعلى الحصير المتّخذ منه.
    سؤال/ هل وردت أدلة على وجوب السجود على الأرض بالخصوص؟
    جوابه: نعم, ذكرت المساند والصحاح الكثير من الروايات الدالة على وجوب السجود على الأرض نذكر منها:
    1- قال رسول الله صلى الله عليه واله: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا). راجع صحيح مسلم [ج1 ص371], صحيح البخاري [ج1 ص91], مسند احمد [ج1 ص250-301 و ج2 ص223-250-442-502-411 و ج3 ص304-803 و ج4 ص416 و ج5 ص145- 248- 148- 161-256-383], البداية والنهاية [ج6 ص4].
    وقد ورد الحديث بلفظ (جُعِلت لنا الأرض كلها مسجدا وطهورا), وبلفظ ( جعلت ليّ الأرض طيبة وطهورا ومسجدا), وفي لفظ (جعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا وطهورا), وفي رواية أخرى (أن الله جعل الأرض مسجدا وطهورا أينما كنت أتيمم واصلي عليها).
    المصادر: الوسائل [ج2 ص969 و ج3 ص422] السنن للبيهقي [ج1 ص4-5-212 و ج2 ص433- 435] بأسانيد متعددة, إرشاد الساري [ج1 ص43], فتح الباري [ج1 ص 370- 371], الينابيع [ص244], أبو داود [ج1 ص 132], سنن الدارمي [ج2 ص224], النسائي [ج1 ص210- 562], الترمذي [ج2 ص131- 133], المغازي للواقدي [ج3 ص1021].
    2- حديث تبريد الحصى, عن جابر بن عبد الله قال: كنت اصلي مع النبي صلى الله عليه واله الظهر فأخذ قبضة من الحصى فأجعلها في كفي ثم أحولها إلى الكف الأخرى حتى تبرد ثم أضعها لجبيني حتى اسجد من شدّة الحر.
    قال البيهقي في [السنن الكبرى]: ولو جاز السجود على ثوب متصل به لكان اسهل من تبريد الحصى في كف ووضعها للسجود.
    المصادر: البخاري [ج5 ص96], صحيح مسلم [ج1 ص405], أبو داود [ج2 ص59], الدارمي [ج2 ص342], مسند احمد [ج1 ص388-401-437-443-462].
    3- عن خبا ب بن الارت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه واله شدة الرمضاء في جباهنا واكفنا فلم يشكنا.
    راجع ابن ماجة [ج1 ص222], لسان الميزان [ج2 ص63], صحيح مسلم [ج1 ص433] بسندين, إرشاد الساري [ج1 ص487], مسند احمد [ج5 ص108-110], سنن البيهقي [ج1 ص438], النسائي [ج1 ص247].
    قال ابن الأثير في النهاية، في [شكى] بعد نقل حديث خباب:
    [فانهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر فنُهوا عن ذلك, وانهم لما شكوا إليه [ص] ما يجدون من ذلك لم يفسح لهم أن يسجدوا على طرف ثيابهم].
    4- قال ابن الوليد: سألت عبد الله بن عمر عما كان بدء -أي سبب بدء- هذه الحصباء التي في المسجد؟ قال: غمّ مطر من الليل فخرجنا لصلاة الغداة فجعل الرجل يمر على البطحاء فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلي فيه, قال: فلما رأى رسول الله [ص] ذلك قال: (ما احسن هذه البسط) فكان ذلك أول بدئه.
    المصادر: سنن ابن داود [ج1 ص174], البيهقي [ج2 ص440-10], السيرة الحلبية [ج2 ص80].
    وهذا يدل على أن المسلمين الأوائل كانوا متعبدين بالسجود على التراب ولا يسجدون على شئ سوى ذلك, بل الرسول صلى الله عليه واله كان أيضا متقيدا بذلك.
    والدليل أيضا كاشف عن عدم جواز السجود على غير الحصباء.
    5- عن خالد الجُهني قال: رأى النبي [ص] صهيبا يسجد كأنه يتّقي التراب, فقال له النبي [ص]: (ترّب وجهك يا صهيب).
    وعن أم سلمة قالت: رأى النبي صلى الله عليه واله غلاما لنا يقال له [افلح أو رباح] على اختلاف الروايات ينفخ إذا سجد, فقال: (يا افلح! أو يا رباح! ترّب وجهك).
    المصادر: كنز العمال [ج4 ص100], الإصابة [ج1 ص58], شرح الأحوذي لجامع الترمذي [ج1 ص272], أسد الغابة [ج1 ص 106], الترمذي [ج2 ص221].
    6- روي: أن النبي صلى الله عليه واله كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته. وروي أيضا: إن رسول الله صلى الله عليه واله رأى رجلا يسجد بجنبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه واله عن جبهته.
    المصادر: السنن الكبرى للبيهقي [ج2 ص105], منتخب كنز العمال, هامش المسند [ج3 ص194], الإصابة [ج2 ص201].
    7- عن ابن عباس انه قال: إذا سجدت فالصق انفك بالارض. وقال: لا صلاة لمن لا يمس انفه الأرض.
    راجع المستدرك للحاكم [ج1 ص270], السنن الكبرى للبيهقي [ج2 ص103] بأسانيد متعددة, كنز العمال [ج4 ص100].
    8- قال رسول الله صلى الله عليه واله لأبي ذر: (الأرض لك مسجد فحيثما أدركت الصلاة فصلِ).
    وعن ابن عباس : إذا سجدت فمكن جبهتك وانفك من الأرض.
    وعن سلمان المحمدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: (تمسحوا بالأرض فإنها بكم بَرّة).
    راجع النسائي [ج2 ص32], السنن الكبرى للبيهقي [ج2 ص102], كنز العمال [ج7 ص320].
    9- روي عن عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله متقيا وجهه بشئ -تعني في السجود-.
    راجع المصنف [ج1 ص397], كنز العمال [ج4ص212], المسند [ج3ص194], مسند احمد [ج6ص58].
    وهذا الحديث يدل على العمل المستمر لرسول الله صلى الله عليه واله, ويدل على الوجوب أيضا.
    10- عن أبي سعيد الخدري انه رأى الطين على انف رسول الله صلى الله عليه واله من كثرة السجود,. وفي لفظ البخاري: رأيت رسول الله [ص] يسجد في الماء والطين حتى اثّر الطين في جبهته.
    راجع مسند احمد [ج6 ص58], كنز العمال [ج4ص212], البخاري [ج1ص207 و ج3ص60]. وهناك الكثير من الروايات الأخرى الدالة على وجوب السجود على الأرض.
    سؤال: ولكن ما العمل إذا كان السجود على الأرض مباشرة متعسرا أو فيه حرج أو ضيق على المكلف كالحر أو البرد؟
    جوابه: اعلم, انه قد وردت روايات تدل على جواز السجود على الثياب مع الاضطرار, وأما في حال الاختيار فلا يجوز ترك السجود على الأرض. ومن تلك الروايات نذكر:
    1- حديث ثابت بن الصامت, حيث قال: إن رسول الله صلى الله عليه واله قام يصلي في مسجد بني عبد الاشهل وعليه كساء ملتف به يضع يده عليه يقيه برد الحصى.
    قال الشوكاني في [النيل]: الحديث يدل على جواز الاتقاء بطرف الثوب الذي على المصلي, ولكن للعذر.
    2- عن أبي سعيد: إن النبي صلى الله عليه واله صلى على حصير. قال الترمذي نقلاً عن أبى عيسى: وحديث سعيد حسن, والعمل على هذا عند اكثر أهل العلم,إلاّ أن قوما اختاروا الصلاة على الأرض استحبابا.
    3- قال مالك: يكره أن يسجد الرجل على الطنافس وبُسُطِ السَفَر والثياب والأدم ولا بأس أن يقوم عليها ويركع عليها ولا يسجد عليها ولا يضع كفيه عليها, وكان لا يرى باسا بالحصباء وما أشبهه مما تنبت الأرض أن يسجد عليها, وقال: لا يسجد على الثوب إلاّ من حر أو برد.
    وقال مالك: بلغني إن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يسجدان على الثوب في الحر والبرد.
    4- عن انس قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه واله في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمتهن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.
    قال صاحب عون المعبود [ج1ص349]: وفي الحديث جواز استعمال الثياب لإتقاءِ حر الأرض وبردها.
    قال الخطابي: وقد اختلف الناس في هذا, فذهب عامة الفقهاء إلى جوازه -أي جواز السجود على الثياب- كالأوزاعي وأصحاب الرأي, وإسحاق بن راهويه.
    وقال الشافعي: لا يجزيه, كما لا يجزيه السجود على كور العمامة.
    وتأويل حديث انس عنده أن يبسط ثوبا هو غير لابسه, وحمل الشافعي الحديث على ثوب منفصل كما يقول البيهقي.
    وفي إرشاد الساري [ج1ص408] قال بعد نقله رواية انس الآنفة الذكر[كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه واله فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود], قال: واحتج بذلك أبو حنيفة واحمد وإسحاق على جواز السجود على الثوب في شدة الحر والبرد, وبه قال عمر بن الخطاب وغيره, وأوله الشافعي بـ[المنفصل أو المتصل] الذي لا يتحرك بحركة المصلي, فلو سجد على متحرك بحركته عامدا عالما بتحركه بطلت صلاته.
    5- عن عمر بن الخطاب قال: إذا لم يستطع أحدكم الحر والبرد فليسجد على ثوبه.
    6- عن انس قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه واله فيسجد أحدنا على ثوبه من شدة الحر [هذا الحديث روي بعبارات مختلفة]. راجع صحيح مسلم, السنن الكبرى, سنن النسائي, سنن ابن ماجة, سنن ألدارمي, البخاري, مسند احمد, الترمذي.
    7- عن عيينة بياع القصب قال: قلت للصادق عليه السلام: أدخل المسجد في اليوم الشديد الحر فأكره أن اصلي على الحصى فأبسط ثوبي عليه؟ قال: (نعم, ليس به بأس).
    8- عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي, كيف اصنع؟ قال: (تسجد على بعض ثوبك). فقلت: ليس عليّ ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه وذيله. قال: (أسجد على ظهر كفك فأنها أحد المساجد).
    9- عن أبي بصير قال: سألت الصادق عليه السلام عن رجل يصلي في حرٍ شديد فيخاف على جبهته من الأرض؟ قال: (يضع ثوبه تحت جبهته).
    وبناءً على هذه الروايات وغيرها, نجد أن المسلمين قد اتفقت كلمتهم على جواز السجود على الثوب في حال الاضطرار لا في حال الاختيار.
    خلاصة القول:
    إن ملخص ما وصل إلينا من عقائد الصحابة وأقوال العلماء في هذه ألمسألة:
    1- وجوب السجود على التراب والرمل والحصباء إن أمكن, وإلاّ فالأرض كلها. كما عن عطاء وابن مسعود وغيرهما.
    2-وجوب السجود على الأرض فقط .كأبي بكر ومسروق وعبادة وإبراهيم النخعي وغيرهم.
    3- وجوب السجود على الأرض وما أنبتته اختيارا, وجواز السجود على الثياب للحر أو البرد. كابن عمر ومالك وأبي حنيفة والشوكاني واحمد وابن راهويه وغيرهم.
    4- وجوب السجود على الأرض وما أنبتته إختياراً. وجواز السجود على الثياب المتخذة من القطن والصوف لحر أو برد, مع استحباب السجود على الأرض. كما عن الشافعي ومالك.
    5- جواز السجود على الأرض ونباتها والثياب بأنواعها. كأبي هريرة حيث روى عبد الرزاق في المصنف عنه انه قال: كان رسول الله [ص] يسجد على كور العمامة. وهذه الرواية من رواية عبد الله بن محرز وهو متروك, كما ثبت ذلك من عدم ورود حديث لا صحيح ولا حسن في جواز السجود على كور العمامة.
    ومن نُسب إليه ذلك الجواز أنس ومكحول وعامة الفقهاء بعد القرن الرابع
    الهجري.

    (جواز السجود على الخمرة)
    سؤال/ ما هي الخمرة؟
    جوابه: الخمرة هي سجادة صغيرة تنسج من خوص النخل بمقدار الوجه.
    سؤال: ما هي الأدلة على جواز السجود على الخمرة؟
    جوابه: نذكر من هذه الأدلة ما ورد في الروايات عن النبي صلى الله عليه واله والصحابة والتابعين.
    1- عن عائشة: إن رسول الله كان في المسجد فقال للجارية: (ناوليني الخمرة) فقلت: إنها حائض, فقال صلى الله عليه واله: (إن حيضتها ليست في يدها).
    2- إن عثمان بن حنيف الأنصاري كان يسجد على الخمرة.
    3- قال قمال بن بطال: لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة الاّ ما روي عن عمر بن عبد العزيز: انه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخمرة فيسجد عليه.
    4- كان عبد الله بن عمر يمنع السجود على كور العمامة ويسجد على الخمرة.
    ومن أراد المزيد فليراجع بهذا الصدد مسند احمد, الترمذي, الطبقات النيسابوري, سنن ابن ماجة, سنن ألد ارمي, البخاري, الإصابة, سنن أبو داود, مسند ابن عوانة, سنن البيهقي.
    وحسب فهمنا لتلك الروايات نجد إن: الباعث لصنع الخمرة كان تجنبا للحرج والضيق كالحر والبرد والطين حين السجود على الأرض أو التراب, فأجاز الرسول صلى الله عليه واله للمسلمين صنع الخمرة للسجود عليها من حيث إنها أحد مصاديق [ما أنبتته الأرض]. والسجود لا يكون إلاّ على الأرض وما أنبتته.
    وبعد كل هذا أقول: إن السجود على الأرض واجب, وأما السجود على ما أنبتته الأرض ومنها الخمرة المصنوعة من خوص النخل هو أمر مستحب, وترخيص وتسهيل من الله تعالى على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه واله لعباده, من حيث [ما جعل عليكم في الدين من حرج].
    ويشهد بذلك تقييد النبي صلى الله عليه واله والصحابة [رض] بالسجود على الأرض وأجزائها. وبعد ذلك ترخيصه للسجود على الخمرة أو الثياب حال الاضطرار لا الاختيار.
    نعود الان إلى السؤال الأول, لنبحث في شرعية السجود عل التربة الحسينية بعد أن أثبتنا شرعية بل وجوب السجود على التراب والأرض. حيث نجد أن الإمامية قد اتفقت كلمتهم على استحباب السجود على تربة قبر الحسين عليه السلام, وفقا لما جاء في الروايات والأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام, ولا باس بذكر بعض تلك الروايات:
    1- قال الصادق عليه السلام: (السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور إلى الأرضين السبعة, ومن كانت معه مسبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبحا وإن لم يسبح).
    2- عن الكاظم عليه السلام: (لا يستغني شيعتنا عن أربع, خمرة يصلي عليها, وخاتم يتختم به, ومسواك يستاك به, وسبحة من طين قبر الحسين عليه السلام).
    3- وروي أن الصادق عليه السلام كان له خريطة من ديباج صفراء فيها من تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجّادته وسجد عليه. وقال عليه السلام: (إن السجود على تربة أبي عبد الله عليه السلام تخرق الحجب السبع).
    4- وروي إن الصادق عليه السلام كان لا يسجد إلاّ على تربة الحسين عليه السلام تذللاً لله واستكانة له.
    راجع الوسائـل[ج3], من لا يحضـره الفقيــــــــه[ج1], البحار[ج1-ج2].
    أما علماء الأمامية فلهم أقوال في ذلك نذكر منها قول الشيخ كاشف الغطاء في كتابه[الأرض والتربة الحسينية] قال: ولعل السر في إلزام الشيعة الأمامية [استحبابا] بالسجود على التربة الحسينية مضافا إلى ما ورد من السجود على سائر الأراضي وما يطرح عليها من الفرش والبواري والحصر الملوثة… ومن المناسب أن يتذكر –الساجد- بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية أولئك الذين جعلوا أجسامهم ضحايا للحق وارتفت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ليخشع ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخرفها فيكون حينئذ السجود سر الصعود والعروج من التراب إلى رب الأرباب.
    ويقول العلامة الأميني ما معناه: إن الغاية المتوخاة للشيعة من اتخاذ تربة كر بلاء مسجدا للشيعة إنما تستند إلى اصلين قويمين وتتوقف على أمرين قيمين:
    الأول: استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهرة طيبة يتيقن بطهارتها من أي ارض أخذت من أرجاء العالم وهي في ذلك شرع سواء, لا امتياز لإحداها على الأخرى في جواز السجود عليها, لأنه يجب على المكلف أن يراعي طهارة مسجده كما يراعي طهارة جسده وثيابه, فيتخذ حينئذ لنفسه صعيدا طيبا يسجد عليه في حله وترحاله لان الثقة بطهارة كل ارض يحل بها لا تتأتى له وخصوصا في المدن والفنادق والخانات والساحات العامة, فعند ذاك لا مانع من أن يحتاط المسلم في دينه ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها كي يسجد عليها.
    الثاني: أن قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي بعضها على بعض, ألا ترى إن الأراضي والأبنية والديار المنسوبة إلى الله تعالى لها شأن خاص وأحكام ولوازم دون غيرها, فبهذا الاعتبار المتسالم عليه عند الجميع اعتبر للكعبة حكمها وللحرم النبوي حكمه وللمساجد العامة والمعابد أحكاماً, كحرمة التنجيس ومنع دخول الحائض والجنب فيها.
    فإذا علمت أن النبي صلى الله عليه واله يقول: (الحسين ريحانتي) و (الحسن والحسين ولداي). هذه النسبة -أي نسبة الحسين عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه واله- هي التي دعت النبي صلى الله عليه واله أن يبكي على ولده السبط ويقيم المآتم عليه ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها, وهذه النسبة هي التي جعلت أم سلمة تصرّ تربة كربلاء في ثيابها.
    وعليه فتربة كربلاء مثوى لحبيب وولد رسول الله صلى الله عليه واله فهي اشرف من غيرها لهذه النسبة وهذا الاعتبار.
    أقول:ما أحوجنا للسجود على تربة جسدت التوحيد في أعلى معانيه,هذه التربة التي ضمّت ذلك الصوت الذي ما زال يدوي في آذان المحبين:
    تركت الخلق طراً في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا
    فلو قطعتني بالحب إربـاً لما مال الفؤاد إلى سواكا
    وما أسعدنا إذا سجدنا على تربةٍ اصبح في طيّاتها ولد حبيب رب العالمين, وبضعة من خاتم النبيين- حسين مني وأنا من حسين-.
    واعلم إن ما يدعيه البعض من إن هذه التربة فيها-دم الحسين- فهو أمر لا أساس له, من الصحة بل قد يكون مرادهم ما ذكرناه آنفاً.
    هذا أمر, والأمر الآخر رب قائل يقول لم خصص السجود على التربة أو مطلق التراب للجبهة دون بقية المساجد ؟
    فنقول:
    1- إن الدليل بحسب الروايات الصحيحة صريح بوجوب وضع الجبهة عند السجود على الأرض أو ما انبت عليها.
    2- من الممكن القول انه لما كان السجود هو أقصىحالات التذلل لله سبحانه, وكان تعفير الجبهة بالتراب أو وضعها عليه زيادة في ذلك الإذلال يضاف إلى ذلك أن الوجه هو بحسب تقسيم أعضاء الإنسان هو اشرف جزء لما أودع الله فيه فبسجود اشرف عضو على التراب يتقرر سجود وذلة بقية الأعضاء.
    حتى ورد في الدعاء (سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره…). ولذلك طالب بعض طغاة قريش الرسول صلى الله عليه واله. أن يعفيهم من السجود لأنه كره أن يعلو أسّته- مؤخرته- رأسه من حيث كرامة الإنسان وشرفه بوجهه.
    وقد ورد في الأثر إن رب العزة قال لموسى عليه السلام: (يا موسى أتدرى لماذا اصطفيتك بكلامي؟ فقال: لا يا رب. قال: يا موسى إني لم أجد أحد من أمتك من هو أذل منك لي, انك إذا سجدت عفرت وجهك بالتراب).
    خاتمة:-
    اعلم, هداك الله أن التبرك بتربة الحسين عليه السلام لا يختلف عن تبرك الصحابة برسول الله صلى الله عليه واله وآثاره وأقربائه, قال السمهوردي في كتابه وفاء الوفاء [ج2ص544]: كانوا –أي الصحابة - يأخذون من تراب القبر -يعني قبر النبي صلى الله عليه واله- فأمرت عائشة [رض] فضُرِب عليهم وكانت في الجدار كوّة فكانوا يأخذون منها, فأمرت بالكوة فسُدّت. ومعلوم إن منعها لهم لم يكن إلاّ لأن اخذ التراب دائما يوجب خراب البقعة الطاهرة المباركة, لا لأنه شرك.
    وفي وفاء الوفاء [ج1ص69] عن نزهة الناظرين للبرزنجي [ص116] في البحث عن حرمة المدينة وحكم إخراج ترابها قال: ويجب على من اخرج شيئا من ذلك -يعني تراب المدينة- ردّه إلى محله ولا يزول عصيانه إلاّ بذلك ما دام قادرا عليه.
    نعم, استثنوا من ذلك ما دعت الحاجة إليه للسفر كآنية من تراب الحرم وما يتداوى به كتراب مصرع حمزة[رض] للصداع, وتربة صهيب [رض] لأطباق السلف والخلف.
    ثم اعلم, أن عمر بن الخطاب [رض] كان يتبرك ويتوسل بالعباس [رض] عم النبي صلى الله عليه واله في الاستسقاء, وتوسل العباس بعلي عليه السلام, وتبرك مصعب بن الزبير بالحسين عليه السلام.
    وإذا أردت المزيد فراجع: المعجم الكبير للطبراني, ذخائر العقبى, سير أعلام النبلاء, كنز العمال, تلخيص المستدرك, الخصائص للسيوطي, المناقب للمغازلي, العقد الفريد, ميزان الاعتدال, الفصول المهمة لأبن الصباغ, مجمع الزوائد للهيثمي وغيرها.
    وعليه فقد اتضح لك إن السجود على الأرض واجب للأدلة التي مرت عليك. أما السجود على تربة الحسين عليه السلام مستحب للأدلة التي ذكرناها. فتكون النتيجة: (إن السجود على الأرض أو الخمرة أو [التربة الحسينية] استحبابا لا يعد شركا وكفرا وبدعة عند المسلمين لأن العمل قد استمر على هذه الشاكلة منذ عهد النبي صلى الله عليه واله والصحابة الكرام [رض] والتابعين لهم بإحسان.
    قال تعالـى: (ولا تنـازعـوا فتـفـشـلوا وتـذهب ريحكــم).

    وآخـر دعـوانـــــــــا أن الحمد لله رب الـــــــعالمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 7:23 am